رأى عضو كتلة "التمنية والتحرير" فادي علامة أن ما يجري اليوم في لبنان هو نتيجة تراكمات من جهة وتداعيات أزمات المحيط من جهة أخرى، مشيرا الى أن للخارج تأثيراته على الوضع الاقتصادي ولكن هذا لا يعني ان نرمي الازمة في ملعب الخارج، مشددا على أن الحكومة تسابق الوقت لانجاز الموازنة واقرارها في المهلة الدستوريّة على ان تترافق باقرار الاصلاحات المطلوبة وخصوصا التقشفيّة منها، لافتا الى أن كتلة "التنمية والتحرير" كانت من اول المطالبين بضرورة عودة سوريا الى الحضن العربي ومن باب الجامعة العربيّة، مشدّدا على أهميّة التواصل مع الحكومة السوريّة.
علامة وفي حديث لـ"النشرة" رأى "وجود خلل بنيوي في الاقتصاد اللبناني لم يتم معالجته بشكل جذري وانما بحلول ترقيعيّة، بالاضافة الى تراكم الديون وعدم البحث الجدّي للبحث عن طرق لخفض العجز في الميزان التجاري بالاضافة الى التجاذبات السياسية، وهذه كلها عوامل ساهمت في تراكم الخلل ليصل الى حدّ الازمة، مشيرا الى انه من دون شك هناك تأثيرات للخارج على الواقع الاقتصادي ولكن هذا لا يعني ان نرمي الازمة في ملعب هذا الخارج ونغسل ايدينا وعلى الطريقة اللبنانية كما يقول المثل (الحق على الطليان).
وقال: "ازاء هذا الواقع يمكن القول اليوم ان ما قبل اقرار موازنة العام 2019 يفترض ان يكون ليس كما بعده، بحيث انه وللمرة الاولى تعد موازنة مترافقة مع سلّة من الاصلاحات والتي يجب ان يبنى عليها، وهي الركيزة التي تستعيد معها الدولة ومؤسّساتها ثقة الداخل والخارج، خصوصا ما ينتظر من استحقاق "سيدر" وجذب المستثمرين وتشجيع عودة الاموال والمودعين ولا سيما من الخارج"، معتبرا ان "اليوم امامنا فرصة حقيقية للانقاذ الاقتصادي، وتتمثل اولا بالاعتراف اننا بمواجهة أزمة فعليّة والحلول الانيّة تتمثل باقرار موازنة العام 2020 ضمن المهلة الدستورية وهذا امر مهم جدّا لان عدم اقرارها سيرجعنا خطوات الى الوراء كما عبر رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وثانيا تنفيذ البنود الـ22 التي خلصت عن اجتماع بعبدا الاقتصادي الموسع".
ورأى علامة انه لا يمكن وصف ما يحصل على مستوى سعر صرف الدولار بالازمة ولا حتى عن شائعة، لاننا هنا نتحدث عن سياسة مصرفيّة وهندسات ماليّة محددة ترافقت بضغوطات دوليّة كان لها التأثير المباشر على عمليّة تحويل الاموال، هذا بالاضافة الى ضعف ثقة المستثمرين وجذب الاستثمارات الخارجية نتيجة التباطؤ بتنفيذ البنود الاصلاحيّة، ويأتي هذا في وقت انخفض فيه احتياطي لبنان من العملة الصعبة بحوالي 7 مليارات دولار عن العام الماضي، فكانت الاجراءات التي اعتمدت في البنك المركزي بتقنين اذا صح التعبير بإمداد المصارف بالدولار، ما انتج شحا في حصّة المصارف منه، وبالتالي مع ازدياد الطلب تحرك السعر في الاسواق، وتحديدا لدى مراكز الصيرفة، وبالتالي كان لهذا الامر انعكاسه على عدد من القطاعات الحيوية.
واضاف: "شهدنا اختلالا في سير عمل قطاعات كالمحروقات والطحين لكن سرعان ما كانت الامور تعالج لاعادة الامور الى مربّعها الاول، وطبعا عبر اتصالات ومشاورات تجري على خطوط بعبدا وعين التينة والسراي، وهذا مؤشر ايجابي بالخطوط المفتوحة بين رئاسة الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة وهو امر مهم جدا للاسراع بايجاد الاليات لحلّ أيّ ازمة".
وشدد علامة على ضرورة اقرار الموازنة المقبلة والّتي تحتاج بعضها الى قرارات جريئة وزيادة ايرادات الدولة عبر سياسات تحفيزية بعيدة عن المس بمكتسبات ذوي الدخل المحدود، مشيرا الى ان كلام الموفد الفرنسي الذي زار لبنان مؤخرا كان واضحا وصريحا بخصوص اقرار موازنة اصلاحية.
وفي سياق منفصل أثنى علامة على ما نشهده من نشاط في مجلس النواب، الأمر الذي يظهر دينامية واضحة تتجلى في عمل اللجان ودرس مشاريع واقتراحات القوانين، وايضا في الجلسات العامة التي يحرص بري على الدعوة اليها في اطار النظام الداخلي. واضاف: "اليوم يسير العمل داخل المجلس ليس فقط على المستوى التشريعي، وانما ايضا على مستوى المحاسبة، بطبيعة الحال ما يتعلق بملفات الفساد فهي على طاولة اللجان المختصة ولكنها بحاجة الى وقت نظرا لامتدادها التاريخي، ولكن رئيس المجلس النيابي يبدي الاستعداد الدائم للتجاوب مع كل ما يمكن ان يقدّم من تسهيلات في اي ملف ودائما وفق الاطر القانونية، وهناك بطبيعة الحال مسائل هي عرضة للتجاذب السياسي والاصطفافات وبدأنا نلمس جدية اكثر لدى كافة الاطراف برفع الغطاء عن اي مخل".
وخلص فادي علامة بالحديث عن ملفّ العلاقات اللبنانيّة السوريّة، فأشار الى ان الكتلة الّتي ينتمي اليها كانت من اول المطالبين بضرورة عودة سوريا الى الحضن العربي ومن باب الجامعة العربيّة، اما بالنسبة للبنان فان اعادة التواصل مع الحكومة السوريّة يشكّل اكثر من ضرورة، خصوصا مع وجود اكثر من مليون نازح سوري والتداعيات الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على هذا الامر، كما بتشابك الملفّات لناحية الولادات والمستندات الرسمية وغيرها، وهو امر من المهم بمكان التواصل مع حكومة بلادهم لتسريع عودتهم خصوصا ان اكثر من 80 بالمئة من الاراضي السوريّة باتت اليوم آمنة.
واضاف: "هذا من جهة ومن جهة ثانية فان هناك العديد من الاتفاقيات بين سوريا ولبنان ومنها ما يتصل بالامن والزراعة، فسوريا اليوم هي بمثابة الرئة للبنان والتي تشكل المنفذ البري الوحيد للصادرات الزراعية اللبنانية، ناهيك عن ان ضبط الحدود واغلاق المعابر غير الشرعيّة بحاجة الى تنسيق من قبل الجانبين اللبناني والسوري".
ورأى علامة انه "قبل كلام وزير الخارجيّة جبران باسيل عن نيّته زيارة سوريا، سبق وان زارها عدد من الوزراء، ومؤخرا كما نعلم كانت زيارة لكل من وزيري الماليّة علي حسن خليل والزراعة حسن اللقيس، واليوم يبدو واضحا ان موقف الحكومة هو البقاء في الوسط من دون الوقوف عند خط الموافقة او المعارضة، وقد كان البيان الذي صدر اليوم عن المكتب الاعلامي لرئيس الحكومة سعد الحريري واضحا بان البلد لا ينقصه سجالات جديدة، وان الهمّ الاساسي ايقاف الازمة الاقتصاديّة والمعيشيّة".